الأول : أن يكون بالأدعية والأدوية المباحة وبالقرآن ، فهذا جائز لا بأس به . ومن أحسن ما يقرأ به على المسحور : ( قُل أَعُوذُ بِرَبِ الفَلقِ ) { الفلق 1 } ( قُل أَعُوذُ بِرَبِ النَّاس ) { الناس 1 } ، فإنه ما تعوذ متعوذ بمثلهما .
الثاني : حل السحر بالسحر وهذا مختلف فيه سلفاً وخلفاً ، فمن العلماء من رخص فيه لما فيه لإزالة الشر عن المسحور ، ومنهم من منعه وقال : إنه لا يحل السحر إلا ساحر . وهذا شرك لأن النبي ص سئل عن النشرة فقال : " هي من عمل الشيطان " وعمل الشيطان هو ما كان بالسحر .
أما ما كان بالقرآن أو بالأدعية المباحة أو بالأدوية المباحة فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه ، وعلى من ابتلى بهذا الأمر أن يصبر وأن يكثر من القراءة والأدوية والأدعية المباحة حتى يشفيه الله سبحانه وتعالى من ذلك .
وأما من يزاول السحر فإن كان سحره بواسطة الشياطين أو لا يتوصل إليهم إلا بشرك ، فهذا شرك مخرج من الملة .
والتصديق بالسحر نوعان :
أحدهما : بأن يصدق بأثره أن له تأثيراً هذا لا بأس به ، لأن هذا هو الواقع .
والثاني : أن يصدق به إقراراً أي مقراً له وراضياً به وهذا محرم ولا يجوز.
{ فتاوى نور على الدرب }
.بسم الله الرحمن الرحيم
سئل سماحةالشيخ عبدالعزيز بان باز – رحمه الله :
سمعنا أن من السحر الخداع ، كالذي يقوم بسحب السيارة بشعرة من شعره ، فهل الساحر يقوم بسحر أعين الجالسين معه فقط ، أم يتعدى سحره الى أعين الحاضرين معه وغير الحاضرين ؟ ذلك لأننا نشاهد في منازلنا وعبر شاشات التلفاز من يقوم بسحب سيارة بشعره أو بفمه ، ونحن لم نكن بجواره حتى يسحر أعيننا فعلى أي شئ يدل ذلك جزاك الله خيراً .
الـجــواب : الساحر يسحر المشاهدين الذين يشهدون عمله ، وقد يكون هناك من يساعده في هذهالعملية ولا يراه المشاهدون من الشياطين الذين يساعدونه ، فهم يروننا ولا نراهم ، وقد يكون سحر العين بما فعل من الشعوذة مثل من يخرج من جيبه أو فمه طائراً أو بيضة أو غير ذلك في اعين الناس ، والأمر بخلاف ذلك ، كما قال الله عز وجل في سحرة فرعون في سورة الأعراف : ( قَالَ أَلقُوا فلَمَّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعُينَ النَّاسِ وَاستَرهَبُوهُم وَجَاءُو بِسِحرٍ عَظِيمٍ ) { الاعراف 116 } ، وقال في سورة طه : ( قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَن تُلقِىَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَن أَلقَى * قَالَ بَل أَلقُوا فَإِذَا حِبَالُهُم وَعِصِيُّهُم يُخَيَّلُ إِليهِ مِن سِحرِهِم أَنَّهَا تَسعَى ) { طه 65-66 } .
وقد يكون ذلك فيما يجره من الأثقال بشعرة أو شعرتين مما ساعده فيه الشياطين ، وهم لا يُرَون أولياءهم ، ولكنهم يجرونها معه ويساعدونه وهم لا يُرَون . بل لهم طرق أخرى مكنهم الله منها بحيث لا نراهم ، وهم يفعلون الشئ الذي يساعد أولياءهم من الإنس ، كما قال الله سبحانه وتعالى : ( يَابَنى أدَمَ لاَ يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطَانُ كَمَا أَخرَجَ أَبَويكُم مِنَ الجنَّةِ يَنزِعُ عَنهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُم هُوَ وَقَبِيلُهُ مِن حَيثُ لاَ تَرَونَهُم إِنَّا جَعَلنَا الشَّيَاطِينَ أَولِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ ) { الأعراف 27 } . نسأل الله العافية.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة
بسم اله الرحمن الرحيم
سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان :
قبل أن أهتدي وأداوم على الصلوات في أوقاتها وقراءة القرآن الكريم ذهبت الى إحدى الساحرات وطلبت مني أن أخنق دجاجة لكي تعمل لي حجابا تربطني بزوجي لأنه كان يوجد دائماً مشكلات بيني وبينه وقد خنقت الدجاجة فعلاً بيدي فهل عليَّ في فعل هذا إثم وماذا أفعل حتى أخلص من هذا الخوف الذي يراودني والقلق ؟
الـجــواب : أولاً : الذهاب الى الساحرات حرام شديد التحريم لأن السحر كفر وإضرار بعباد الله عز وجل ، فالذهاب إليهم جريمة كبيرة .
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى حضرة الأخ المكرم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
وصلني كتابكم المؤرخ .. وصلك الله بهداه وما تضمنه من الإفادة عما أصابكم عندما اردت جماع زوجتك الجديدة وعن ذهابك للشيخ وما أفتاك به وعما عملته الزوجة القديمة من العمل الذي كان سبباً لمنعك من جماع زوجتك الجديدة وسؤالك عن الحكم في ذلك كان معلوما .
الـجــواب : إذا كانت الزوجة القديمة قد أقرت بهذا العمل أو ثبت عليها ذلك بالبينة فقد فعلت منكراً عظيماً بل كفراً وضلالاً ن لأن عملها هذا هو السحر المحرم ، والساحر كافر كما قال الله سبحانه : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتلُوا الَّشيَاطِينُ عَلَى مُلكِ سُلَيمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِمُونَ النَّاسَ الِسحرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَينِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِن أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحنُ فِتنَةُُ فَلاَ تًكُفر فَيتَعَلَّمُونَ مِنهَمَا مَا يُفَرِقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَزَوجِهِ وَمَا هُم بِضَارّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذنِ اللهِ وَيتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُم وَلاَ يَنفَعُهُم وَلَقَد عَلِمُوا لَمَنِ اشتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأَخِرةِ مِن خَالَقٍ وَلَبِئسَ مَا شَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُون ) {البقرة 102 } فهذه الآية الكريمة تدل على أن السحر كفر وأن الساحر كافر والسحرة يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وأن من مقاصدهم التفريق بين المرء وزوجه وأنه لا خلاق لهم عند الله يوم القيامة – يعني لا حظ لهم في النجاة – وفي الحديث الصحيح عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أنه قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل وما هن يارسول الله ؟ قال : " الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " . أما الشيخ الذي أعطاك الدواء فالظاهر أنه ساحر كالمرأة ، لأنه لا يطلع على أعمال السحر إلا السحرة وهو أيضاً من العرافين والكهنة المعروفين بادعاء الغيب في كثير من الأمور ، والواجب على المسلم أن يحذرهم وألا يصدقهم فيما يدّعون من الغيب لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) :" من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " أخرجه مسلم في صحيحه قال (صلى الله عليه وسلم) أيضاً : " من أتى عارفاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) " .
فالواجب عليك التوبة والندم على ما قد حصل منك وإخبار رئيس الهيئة ورئيس المحكمة بالشيخ المذكور وزوجتك القديمة حتى تعمل المحكمة والهيئة ما يردعهم ، وإذا عرض لك مثل هذا الحادث فاسأل علماء الشرع حتى يخبروك بالعلاج الشرعي، وإذا كان الذي أصابك قد زال فالحمد لله وإلا فأخبرنا حتى نخبرك بالعلاج الشرعي . رزقنا الله وإياك الفقه في الدين والثبات عليه والسلامة مما يخالفه إنه جواد كريم .
{ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة }
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله :
يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون (السادة) وهؤلاء يأتون بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها ، ويدّعون أنهم يقدرون على شفاء الناس من الأمراض المستعصية ويبرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر ، أو قطع السنتهم ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم ، وهؤلاء منهم من يصلي ومنهم من لا يصلي ، وكذلك يحلون لأنفسهم الزواج من غير فصيلتهم ولا يحلون لأحد الزواج من فصيلتهم وعند دعائهم للمرضى يقولون : ( يا الله يا فلان ) ) أحد أجدادهم .
وفي القديم كان الناس يكبرونهم ويعتبرونهم أناساً غير عاديين وأنهم مقربون الى الله ، بل يسمونهم رجال الله ، والآن انقسم الناس فيهم : فمنهم من يعارضهم وهم فئة الشباب وبعض المتعلمين . ومنهم من لا يزال متمسكاً بهم وهم كبار السن وغير المتعلمين ، نرجو من فضيلتكم بيان الحقيقة في هذا الموضوع ؟
الـجــواب : هؤلاء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة وتصرفات باطلة وهم أيضاً من جملة العرافين الذي قال فيهم النبي (صلى الله عليه وسلم): " من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " وذلك بدعواهم علم الغيب وخدمتهم للجن وعبادتهم إياهم وتلبيسهم على الناس بما يفعلون من أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون : ( قَالَ أَلقُوا فَلَمَّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعيُنَ النَّاسِ وَاستَرهَبُوهُم وَجَاءُو بِسِحرٍ عَظِيمٍ ) {الأعراف 116 } فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف ولقوله (صلى الله عليه وسلم) :" من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) " وفي لفظ آخر : " من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) " . وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله أو زعمهم أن أباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون أو يشفون المرضى أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم فهذا كله من الكفر بالله عز وجل ومن الشرك الأكبر ، فالواجب الإنكار عليهم وعدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم ، لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله والمستغيثين بغير الله والمستعينين بغير الله من الجن والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم أو من أناس آخرون يزعمون أن لهم ولاية أو لهم كرامة ، بل كل هذا من أعمال الشعودة ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر .
وأما ما يقع منهم من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم فكل هذا تمويه على الناس وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم ، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك وهذا من جنس ما قاله الله سبحانه وتعالى عن سحرة فرعون : ( يُخَيَّلُ إِليهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها تَسعَى ) { طه 66 } فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الأكبر والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون ، وهذه أنواع كثيرة من الشرك الأكبر والكفر البواح ومن أعمال الشعوذة التي حرمها الله عز وجل ومن دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه : ( قُل لا يَعلَمُ مَن فِى السَّمَواتِ والأَرضِ الغَيبَ إِلاَّ اللهُ ) { النمل 65 } .
فالواجب على جميع المسلمين العرافين بحالهم الإنكار عليهم وبيان سوء تصرفاتهم وأنها منكرة ورفع أمرهم الى ولاة الأمور إذا كانوا في بلاد إسلامية حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعاً حسماً لشرهم وحماية للمسلمين من أباطيلهم وتلبيسهم . والله ولي التوفيق .